حماية تراثنا «غير المادي» محور نقاشات ورش «اليونسكو» في القاهرة
عقدت منظمة “اليونسكو” سلسلة من الورش داخل مقرها الإقليمي في القاهرة، ضمت أساتذة ومتخصصين في شؤون التراث في مصر لتعزيز دورهم المجتمعي في حصر التراث الثقافي “غير المادي” والتوعية بفكرة المشاركة المجتمعية في أهمية الحفاظ عليه.
يشار إلى أن مؤسسة “ولاد البلد” من ضمن اللجنة الاستشارية لليونسكو لصون التراث غير المادي في مصر.
بدأت الورش من شهر يونيو الماضي حتى شهر سبتمبر الحالي.
تناولت خلالها أهمية الحفاظ على تراثنا “غير المادي” المتمثل في أشكال التعبير المختلفة على سبيل المثال “فنون الأداء يتنوع أشكالها الغناء، والرقص، والرسم ، والعزف، والحرف والعادات والحكايات الشعبية.. إلخ”.
ويقول الدكتور إسماعيل فحيل، مدرب معتمد لدى اليونسكو في التراث الثقافي غير المادي، ومدير بيت التراث في الخرطوم، لـ”ولاد البلد”، إن هذه الورشة تعتبر الثالثة في سلسلة ورش العمل في القاهرة ومناطق متفرقة من العالم، تختص تحديدا في “حصر التراث الثقافي غير المادي” بمعنى إعداد قوائم لجرد التراث وحصر التراث بهدف الحفاظ عليه وصيانته، وهذه الدورة تحديدا هدفها تدريب مدربين يكون لهم دور في نشر هذه الثقافة الجديدة داخل مجتمعاتهم لإعداد قوائم حصر التراث، والفكرة الأساسية فيها هي مشاركة المجتمع.
ويضيف فحيل أن المجتمع في الأصل هو صاحب هذا التراث متمثل في الجماعات والأفراد فهناك اتحدات للفنانين وفرق فنية شعبية على سبيل المثال ومهارات فردية، وينبغي أن يكون لهؤلاء دور في المساهمة في حصر التراث وتوثيقه وترشيحه بعد ذلك لقوائم اليونسكو.
ويتابع فحيل أنه من المنتظر ضمن سلسلة هذه الورش التحضير لورشة عن “إعداد ملفات الترشيح ” و”إعداد طلبات المساعدات الدولية لصون التراث غير المادي”.
وفي السياق أوضح دكتور هاني الهياجنه، عميد كلية الآثار بجامعة اليرموك في الأردن وخبير ومدرب معتمد لدى اليونسكو في حقل التراث الثقافي غير المادي، وتطبيق الاتفاقية الخاصة بذلك، لـ”ولاد البلد” تعتبر هذه هي الورشة الثالثة التي قمت بالتيسير فيها بالقاهرة والورشتين السابقتين اهتمت بتوضيح فكرة تطبيق اتفاقية التراث الثقافي غير المادي التي صدقت عليها مصر عام 2008، والآن دخلت هذه الاتفاقية مرحلة جديدة في مصر بدأت بتطبيقها على نحو جدي.
ويتابع هياجنه: “يتضح ذلك منذ بدأت بمشروع “التراث المتوسطي الحي” الذي نتج عنه إنشاء قائمة حصر وطنية تعني بإدراج حصر التراث الثقافي غير المادي في محافظة دمياط تحديدا، وتابعت وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع اليونسكو إقامة ورش تدريبية لمجموعات من الشباب العاملين في القطاع الحكومي ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالتراث لتدريبهم على تطبيق هذه الاتفاقية.
ويضيف: “أن اتفاقية اليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي تراعي ضرورة الحفاظ على عناصره بالدرجة الأولى التي تحض على السلام والتنمية المستدامه التي تراعي حقوق الإنسان عموما، وهذا التراث له وظيفة اجتماعية تمثل شيء جوهري لدى الأفراد و الجماعات وإذا زالت هذه الوظيفة فبالتالي ستزول ولذلك ينبغي تنمية الحس الاجتماعي والشعور بالهوية.
ووفقا لما ورد في النصوص الأساسية لاتفاقية 2003 التي أبرمتها “اليونسكو” وصدقت عليها العديد من الدول من بينها مصر عام 2008، فإن الاتفاقية تهدف إلى صون التراث الثقافي غير المادي وقد جاء في مادة “2” تعريف وتحديد مفهوم التراث الذي يتمثل في الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والأفراد جزء من تراثهم الثقافي.
وهذا التراث الثقافي غير المادي تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلها مع الطبيعة وتاريخها، و التي تنمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز التنوع الثقافي والإبداعي البشري.
وتشير الاتفاقية في تعرفيها إلى أنه لا يؤخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان؛ مع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والأفراد والتنمية المستدامة”.
وفي هذه النقطة خلال الورشة الثالثة التي نظمتها اليونسكو تحت عنوان “تدريب المدربين حول حصر التراث الثقافي غير المادي القائم على المجتمع” والتي عقدت من 2 حتى 6 سبتمبر الحالي أوضح دكتور هاني الهياجنه، عميد كلية الآثار بجامعة اليرموك في الأردن وخبير ومدرب معتمد لدى اليونسكو، ودكتور إسماعيل الفحيل، مدرب معتمد لدى اليونسكو في التراث الثقافي غير المادي ومدير بيت التراث في الخرطوم، أنه من الضروري حتى يتم تفعيل هذه الاتفاقية الالتزام بعدة بنود منها ما يتضح في تعريف الاتفاقية وهو أن يكون نوع التراث غير المادي” غير مخالف لحقوق الإنسان على سبيل المثال لا تدخل فيه عنف ما أو عمالة أطفال.
ومن الضروري حتى يتم صيانة هذا “التراث غير مادي” للمجتمع ويكون هناك مساهمة من اليونسكو في المساعدة في صونه من خلال الصندوق المخصص للصون وحماية التراث غير المادي ينبغي أن تتوفر عدت إجراءات وشروط؛ منها تحديد هذا التراث الذي بحاجة إلى حماية تحديدا دقيقا باستخدام ما يعرف “بقوائم الحصر لهذا التراث المحلي” لتوثيقه وحمايته، من خلال المتخصصون في هذا التراث بمشاركة المجتمع المحلي والأفراد الذين لديهم هذا التراث لصونه ونقله إلى أجيال قادمة لحمايته، ومن الضروري أن تكون هناك موافقة حرة واعية من أصحاب هذا “التراث غير المادي” عند الإعداد لقوائم الحصر.
هناك عدة أساليب لجمع المعلومات التي سيتم تفريغها بعد ذلك في قوائم حصر التراث غير المادي منها استخدام تصوير الفيديو أو التسجيل الصوتي أو التصوير الفوتوغرافي أو تدوين و كتابة أهم الملاحظات،
و قد تفاعل المشاركون في الورشة من الأساتذة والمتخصصون في التراث بتجربة عمل ميداني لفكرة قوائم الحصر والتي تحدد مكانها في شارع المعز، إذ تم تقسيمهم إلى أربعة مجموعات اختار كل منهم حرفة مرتبطة بتراث غير مادي منها حرفة بائع الفول المرتبط بعادات غذائية أساسية للمصريين والنحاسين الذين يقومون بمهارة فنية مميزة وأصبحت الآن هذه المهنة مهددة، وتصنيع أفران البطاطا التي لم يتبقى من في هذه المهنة غير فردين، وحرفة تصنيع السبح التي هي عالم يحتوي على كثير من تفاصيل حرفية وفنية عالية وقاموا خلال هذه الجولة بالتدريب عمليا على فكرة إعداد قوائم الحصر.
4 تعليقات