حكايات من «الورشة»: الفن بدون فزلكة واستنساخ.. وشخصيات السيرة الهلالية لأول مرة
نظم موقع «باب مصر» التابع لشركة «ولاد البلد للخدمات الإعلامية» مساء الخميس الماضي ندوة بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية بمقرها في القاهرة في بيت السناري، وبالتعاون مع فرقة «الورشة» المسرحية. في الندوة تحدث فنانون عن انضمامهم وذكرياتهم مع الفرقة بمناسبة مرور 35 عاما على تأسيسها. كما انطلقت فعاليات المعرض الفني «السيرة الهلالية» للفنان محمد وهبة.
هات حكايتك وتعال
تحت عنوان “هات حكايتك وتعال”، قدم العديد من رواد فرقة الورشة حكاياتهم عنها، ومن بينهم الفنانة دنيا ماهر، والفنانة سامية جاهين، والفنان نجيب شحاتة، وأعضاء فرقة الورشة.
تحدث المخرج حسن الجريتلي عن فلسفة فرقة «الورشة». وقال: “لا نقدم المسرح الذي يجعل الجمهور ينصرف عنه، ربما الإعلام غير مهتم بنا. لكن مسرح الورشة هادف ويتضمن رسائل لا تشبه رسائل البريد، لكنها مثل مربعات ابن عروس التي جسدت فلسفة الشعب المصري”.
وكشف الجريتلي كواليس اختيار اسم الفرقة «الورشة» وقال إنه يرجع إلى بداية عمل الفرقة بظروف بدائية بسيطة. ثم قرروا الاستمرار، لكن تحت أي اسم. وبحكم حياته في الحارة التي عاش فيها قديما، كان يوجد جراج للسيارات، وأعجب الجريتلي بالتكامل في هذه الورشة، سيارة واحدة و”معلم”، فاختار اسم الورشة.
واستكمل: “حين بدأ وجود فرق مستقلة قررنا التعارف مع الفرق الأخرى. ونسقنا ميعاد وحفل شاي، والصديقة هدى عيسى كتبت إعداد عن لافونتين، كاتب قصص الحيوانات التي كلها بشر، مستخدمة الأدب الفارسي بعد ترجمتها للفرنسية، وأعدت قصة للعربية عن الذئب والكلب”.
حلم يتحقق بعد 34 سنة
تحدث الفنان ناجي شحاتة عن تفاصيل انضمامه لفرقة «الورشة» عام 1987. وحينها اقترح الروائي صنع الله إبراهيم أو “سنسن” كما كان يطلق عليه، التعرف على المخرج حسن الجريتلي. استجاب لدعوة صنع الله إبراهيم، وكان عمر نجيب حينها 20 عاما، وحضر بروفات مسرحية «داير داير» في الهناجر، من تمثيل سيد رجب وعبلة كامل، وتعرف على الجريتلي.
لم يتحدث نجيب عن حبه للتمثيل، واقترح الجريتلي عليه الانضمام، لكن اكتفى بالمتابعة مع متابعة دراسته آداب بالفرنسية، وأعمال «الورشة».
وفي عام 2009 تجدد الحديث بينهما. ويقول: “المسرح والتدريس دفعني للمشاركة في الهناجر وقدمت مسرحية خارج إطار المدرسة. وبعد المسرحية تحدث معي حسن وكان هذا انتصارا عظيما بالنسبة لي، وابتسامتي كبيرة، بعد 34 عاما انتظار ومتابعة”.
استرجعت الفنانة سامية جاهين ذكريات انضمامها لفرقة «الورشة» وقالت: “أعرف الفرقة منذ وقت طويل، اعتدت الحضور مع خطيبي، وكنت أردد أشعار والدي صلاح جاهين. وكان تشجيع حسن الجريتلي أمر لطيف. ثم بدأت مشروع صغير للأطفال، وحسن حضر لي عرض قبل انتشار الكورونا، وتحدثنا في الكواليس بعد العرض، وعرض علي الانضمام للفرقة”.
جيل الوسط
أما الفنانة دنيا ماهر تحدثت عن فترة انضمامها لـ”الورشة”، باعتبارها واحدة من الجيل الوسط للفرقة، متسائلة: “هل يعي حسن الجريتلي دوره وتأثير تجربته على الفنانين”.
أجاب موضحا: “نحن نعمل بدون توقف لفترات طويلة 5 أيام أسبوعيا على مدار العام. لكن أحيانا تحدث مواقف قد لا ندركها، والعمل الوحيد هو أنني أتابع تطور الموهبة. ثم أتفاجئ بالنجاح الذي يحققه بعد الانتقال إلى السوق الفني”.
انضمت دنيا ماهر إلى الفرقة وترى أنه من عوامل نجاحها عملها في “الورشة” البداية في كل شيء. وتقول: “عملت في الملابس والماكير والتمثيل والتصميم والغناء والرقص. وجزء ثاني هام وهو أن فنانين الورشة من خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة، بالإضافة إلى مستوى التعامل والتدريب”.
الفن بدون “فزلكة”!
على مدار سنوات طويلة، اتبع حسن الجريتلي قاعدة عدم التقليد، معتمدا على فكرة التحرر وصولا إلى موهبة الشخص. ويقول: “ندرك مع الوقت أنه لا يقلد فنان آخر في الورشة. نعمل على مئات التفاصيل الصغيرة في شخصية الفنان، حتى تتجسد موهبة الشخص في صورتها النهائية”.
استنكر الجريتلي وصف بعض مواهب “الورشة” مثل عبلة كامل، بأنها تلقائية. موضحا أن في الفن لا توجد تلقائية بل يوصف بالتمثيل شديد الواقعية، “هي ممثلة وليست تلقائية” كما قال.
فلسفة عدم الاستنساخ
وصفت الفنانة معتزة صلاح عبدالصبور، فلسفة حسن الجريتلي، بأنها “عدم استنساخ”. وتابعت: “بالحديث عن عبلة كامل ودنيا ماهر فإنهما أظهرا ما بداخلهما من فن بدون انفعال زائد. لكن في النهاية ما تقدمانه على الشاشة ليست الشخصية الحقيقية لهما”.
وأوضحت أن طريقة العمل الجمعي تؤدي إلى وضع أسس وقيم معينة. ترى فيها الجانب النفسي لدور حسن الجريتلي، ومن بينها قيم مشتركة عن ماهية الممثل.
وتضيف ابنة الكاتب والشاعر الراحل صلاح عبدالصبور: “ما يحدث من عمل جمعي في الورشة يكون سببا في دمج أو الكيميا ووضع قيم مشتركة عن ماهية الممثل. وسبب التمثيل في هذا العمل ومواجهة الشخص بنفسه طوال الوقت”.
بشكل شخصي لاحظت هذا التأثير خلال تعاملها مع فنانين “الورشة” مثل الفنانة حنان يوسف. وتقول: “حين يتجه الممثل إلى – السوق – وأنا أفضل مصطلح الصناعة، يستقبل الجمهور الفنان بمنتهى الحب لأنه يبحث عن أداء حقيقي وحميمي”.
منهج يوسف شاهين
تطرق الكاتب الصحفي محمد شعير لتجربة حسن الجريتلي مع يوسف شاهين نظرا لعمله مساعد فترة قبل الورشة. وطرح تساؤل: “بعد تأسيس الورشة، ما الذي استفدته منه وما الذي قررت تجنبه من منهج دراستك”.
أجاب الجريتلي موضحا أنه استفاد من يوسف شاهين في تنفيذ المثل الإنجليزي “نفذ سريرك لتنام فيه”.
ويقول: “على عكس العادة، يوسف شاهين كان هو المتحكم في الإنتاج، ليس التمويل، ولكن هو صاحب القرار خلال عملية التنفيذ، وهذا ما تعلمته منه”.
وأضاف: أنا معجب بيوسف شاهين في تكوين الصورة والجرأة والتعامل مع مواضيع مهمة مهما كانت درجة التعامل. وهو شخص جرئ في آرائه، وعلى مستوى التمثيل كان يجعل الممثلين أسرع في أدائهم للقضاء على عاداتهم السيئة، والاهتمام بالتكوين، وما تجنبته هو الخوف من المشاعر.
وجوه من السيرة الهلالية
«السيرة الهلالية» كان عنوان المعرض الفني للفنان محمد وهبة. وتستمر فعالياته حتى مساء اليوم الأحد، في إطار فعاليات الرحلة التي دشنها “باب مصر” للتركيز على الفنون والثقافة والتراث في كل محافظات مصر.
يقدم وهبة ملخصا من دراسة عميقة استغرقت أربعة أعوام لتحويل وصف «السيرة الهلالية» إلى صور حقيقية. من خلال 12 لوحة شخصية و5 لوحات عن المعارك. ليجسد للمرة الأولى وجوه ومواقف متخيلة من واقع السيرة.
تتسم اللوحات السبعة عشر أنها باللون الأبيض والأسود فقط. ويقول لـ«باب مصر»: “هذه اللوحات من 78 لوحة رسمتها عن السيرة الهلالية على مدار أربعة أعوام، وهي لوحات اتسمت أنها جميعها عن الشخصيات والشكل والأزياء”.
يأتي البحث المكون من 5800 صفحة، تمهيدا للنشر، قصة مصورة على أجزاء، لكن الغريب أن الوجوه تتسم بمظهر غريبا عن الثقافة المصرية.
ويوضح هذا الاختلاف: “قدم المصريون السيرة الهلالية في صورة سرد وحكايات فقط بحكم بعض الهلاليين الذين عاشوا في مصر وينحدروا من العائلة نفسها، لكن أصولهم ترجع إلى نجد في الجزيرة العربية”.
ويضيف: “عندما هاجروا حتى تونس حيث المعركة الكبيرة للزناتي. أقاموا في مصر مدة خلال حكم المستنصف بالله مع وجود الفاطميين، والشكل كان عربي تماما”.
وعن ملامح الوجه كانت قد ذكرت بالمصطلحات العربية القديمة. ويقول: “عندما قرأت السيرة بدأت أقسم وصف كل شخصية والشكل العام للسيدات كان على حسب وصف الرجال. ومن بينها الجسم رشيق ممشوق، والوجه مثل البدر وأبيض تماما والعيون حادة”.
من بين الشخصيات في المعرض، الخضرا أم “أبوزيد”، ورزق الهلالي والده، والأمير حسن وأمه هي الشامة، وشخصية دياب، بالإضافة إلى عرافة نجد، وشيحا أخت أبوزيد، وشخصية دهابة بنت ملك العراق وهي أم دياب.
اقرأ أيضا
تنظمه «ولاد البلد»: اليوم افتتاح النسخة الثانية من معرض «الرحلة» ببيت السناري