حفيد يوسف كامل يرد على مزاعم سرقة لوحات جده: خلافات عائلية السبب
حالة من الجدل سادت الأوساط الثقافية، أمس، بعد تداول معلومات تفيد بأن لوحات الفنان يوسف كامل أحد أبرز رواد فن الرسم في مصر، قد سرقت مع تحذير من عدم تداولها أو بيعها.
سرقة لوحات يوسف كامل
البداية ترجع إلى نشر يوسف كامل مصطفى، نجل الفنان التشكيلي الراحل كامل مصطفى وحفيد الفنان يوسف كامل (26 مايو 1891 -12 ديسمبر 1973)، تحذيرا عبر حسابه الشخصي على موقع “فيسبوك” قال فيه: “تحذير هام.. هذه الأعمال للفنان الكبير يوسف كامل مسروقة من عائلة الفنان ومعروضة للبيع. نحذر المقتنين من شراء هذه الأعمال، وأسرة الفنان ستتخذ في حق المشترين الإجراءات القانونية في حالة ثبوت ذلك”.
هذا المنشور الغامض لم يوضح أي من اللوحات تمت سرقتها ورغم أنه مرفق بعدد من اللوحات تجاوز عددها 7 لوحات. وتواصل “باب مصر” مع يوسف كامل لمعرفة تفاصيل سرقة اللوحات وتاريخ فقدانهم وسبب عدم تقدمه ببلاغ رسمي ضد مالك اللوحات واللجوء لمقاضاة من سيشتريها. وأجاب قائلا : “لا شكرا”.
عشرينات القرن العشرين
عاد الغموض من جديد إذ رجح الكثيرون أن اللوحات المسروقة قد عُرضت في معرض “عشرينات القرن العشرين” الذي أقيم بقصر عائشة فهمي بتنظيم وإشراف وزارة الثقافة.
وطالب صلاح الدين موسى بضرورة البحث عن سرقة اللوحات قائلا: “ندعو الجهات المسؤولة ووزارة الثقافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والتضامن مع الورثة لحماية هذا التراث وللحفاظ على الأعمال الفنية التي لا تقدر بمال”.
حاول “باب مصر” التواصل مع الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، لمعرفة حالة لوحات الفنان يوسف كامل المُعارة للمعرض من ممتلكات حفيده أشرف نصر. والتأكد من صحة المعلومات المتداولة بسرقتها، ولكن دون رد.
ومن المعروف أن إرث الفنان يوسف كامل الفني يملكه الورثة من الأحفاد حاليا. إذ لا يقتصر امتلاك لوحاته وأعماله الفنية لوريث واحد. ومن بينهم أشرف نصر حفيد يوسف كامل، وهو مالك اللوحات الستة التي تم عرضها بمعرض “عشرينات القرن العشرين”.
مالك لوحات يوسف كامل ينفي سرقتها
بعد إطلاعه على ما تم نشره عن سرقة اللوحات، صرح نصر لـ«باب مصر» أن صور اللوحات التي نشرها يوسف كامل الحفيد بإعلان أنها مسروقة، من المجموعة الشخصية لـ”أشرف محمد نصر كامل”. نافيا ما تم تداوله بأنها مسروقة.
وأوضح أن سبب نشر د. يوسف “نجل عمته” لهذا المنشور خلافات شخصية مستمرة منذ جيل الآباء. مضيفا في أول تعليق له على هذه الأزمة: “يحاول يوسف من خلال هذه الإدعاءات عرقلة بيع لوحات جدي التي امتلكها حاليا ضمن إرثي عنه والتي تم توزيعها بمعرفة أفراد العائلة”.
وكشف نصر صاحب الـ58 عاما أنه عرض بالفعل 7 من لوحات جده يوسف كامل التي يمتلكها للبيع. وعند سؤاله عن السعر المتوقع لكل لوحة قال إنه لم يتم تقييمها بعد. إذ تتم عملية تحديد السعر بواسطة نقاد ومتخصصين.
وتابع أنه سيتقدم ببلاغ رسمي ضد “نجل عمته” لكذبه وتشويه صورته والخوض في شرفه. متابعا: “إذا كان محقا لماذا لم يتقدم ببلاغ رسمي ضدي لأنه يعلم أن اللوحات معي.كذلك لماذا لم يقدم ما يثبت أن هذه اللوحات مسروقة أو ينشره كما نشر الصور فقط”.
هل هذه اللوحات نفسها هي التي تم عُرضت في معرض “عشرينات القرن العشرين”، أجاب بالنفي. موضحا أن اللوحات التي أعارها للمعرض لم يستردها بعد انتهاء المعرض حتى الآن. قائلا: “لوحات المعرض في أمانة وزارة الثقافة وهم 9 لوحات باستخدام خامات زيت على سولتكس أو خشب”.
لوحات مصر بدون صك ملكية
هذه الإشكالية تطرح العديد من الأسئلة أولها “هل امتلاك وريث عمل تشكيلي أصلي دون ما يثبت أنها إرثه تعرضه للمساءلة القانونية ؟”. وحال سرقة عمل فني هل يحق لمالكه الإبلاغ لاسترداده؟
يجيب الفنان التشكيلي والناقد الفني دكتور محمد كمال عن هذه التساؤلات. موضحا لـ«باب مصر» أن الخلافات بين الورثة تسئ للفن التشكيلي في مصر. خاصة أنه لا يوجد صك ملكية للوحات في مصر والوطن العربي.
واستكمل أن أي لوحة تُسرق يضيع معها حق مالكها الأصلي، لعدم امتلاكه سند ملكية. وهو الأمر الذي اقترحه قبل سنوات عبر تصوير العمل ويرفق معه المواصفات النقدية والخامة ومضمون العمل وقصته. وينفذ سند الملكية بهذا الشكل نقاد متخصصين، وبالتالي حين يُفقَد تكون صورته وبياناته موجودة.
وأشار إلى أن عملية توثيق العمل يتم تنفيذها في الأعمال بالمتاحف تحت إشراف الدولة. وقال: “تداول الأعمال في السوق الحر يتم بشكل عشوائي وبالتالي من الممكن أن تحدث مثل هذه الخلافات التي نشبت بين أفراد عائلة يوسف كامل وليس لدي فكرة من يمتلك هذه اللوحات”.
جرائم لا يعاقب عليها القانون
حذر كامل وعدد من الفنانين التشكيلين من ضرورة وجود صك ملكية يخضع من خلاله العمل الفني لمعاملات البيع والشراء مثل الآثار. لافتا إلى ضرورة تدخل نقابة الفنون التشكيلية لتقييم الأعمال قبل بيعها وإثبات أنها أصلية من عدمه لأن التداول العشوائي يزيد من انتشار التقليد.
ولكن الغريب أنه ما زالت سرقات الأعمال التشكيلية جرائم لا يعاقب عليها قانون. إذ لا يوجد لها بنود في القانون المصري. وحال بيع لوحة مزيفة فإن قانون الجنايات لا يوجد به بند واحد يجرم هذا الفعل. ويوضح: “ما زال إنتاج الفن غير محمي بقوة القانون عدا المتاحف لوجود العديد من الإثباتات على امتلاك العمل”.
وأردف أنه حال اتهام شخص فرد من عائلته بسرقة عمل فني، لا يوجد آلية للتحقيق في هذه الواقعة. من الممكن اتفاق العائلة على الإبلاغ على سرقة العمل بواسطة شخص غريبة لكن القانون لن يتدخل بين أبناء العائلة الواحدة.
أسلوب الفنان يوسف كامل
وعن الفنان يوسف كامل يعد من أوائل الدارسين بمدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1908. وأكمل دراسته في روما، في بعثة على نفقة الدولة للدراسة في إيطاليا. وبعد عودته عمل في عدد من المناصب الأكاديمية ليصبح أول مصري يدرس الفن.
وتم تعيينه رئيسا لقسم التصوير. ثم مدير متحف الفن الحديث حتى عام 1949. وبعدها أصبح عميدا للكلية الملكية للفنون الجميلة، ومقررا للجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب.
رغم دراسته في الخارج وتأثره بأسلوب الفن التأثري الأوروبي إلا أنه خلق لنفسه فنا مستقلا. وتجاوز إنتاجه الفني 2000 لوحة مستوحاة من البيئة المصرية.
اقرأ أيضا
خاص| الراسم الأول لنقود مصر الورقية.. أين اختفى إرث الفنان عباس الشيخ؟