«تراث الإسكندرية في الأرشيف».. محاضرة ضمن فعاليات أيام التراث بمكتبة الإسكندرية
كتب: أحمد جلال
في محاضرة هامة خلال فعاليات أيام التراث السكندري، تحدث الدكتور أحمد منصور، رئيس قسم كتابات الخطوط بمكتبة الإسكندرية حول «تراث الإسكندرية في الأرشيف» وذلك بقاعة الأوديتوريوم بمكتبة الإسكندرية.. «باب مصر» يستعرض تفاصيل المحاضرة.
الأرشيف الوطني
يقول منصور: “الأرشيف الوطني ينقسم إلى جهتين هما: دار المحفوظات التي أنشأت عام 1828 وتتبع وزارة المالية، والجهة الأخرى هي دار الكتب والوثائق القومية وأنشأت عام 1870 وتتبع وزارة الثقافة. وقد صدر قرار جمهوري بنقل تبعية دار المحفوظات إلى وزارة الثقافة عام 1977 ثم إلى وزارة المالية وتحديدا مصلحة الضرائب العقارية. وما تمتاز به دار المحفوظات احتوائها على ملفات الموظفين المستخدمين في الدولة المصرية”.
وتابع: تحتوي دار الوثائق على مجموعات من الوثائق الخاصة بالدولة كالوثائق السيادية، والخدمات، والإدارة المحلية، وغيرها. وفيما يخص تراث الإسكندرية في الأرشيف فهي تقدم لنا مجموعة من الوثائق التي تكشف عن طبيعة العلاقة بين علماء الآثار الأجانب مثل جوزيبي بوتي وغاستون ماسبيرو والمصريين كأحمد باشا كمال.
وأوضح، من بداية تأسيس مصلحة الآثار المصرية كان لها مدير فرنسي الجنسية، لاحقا أنشأت مدرسة “اللسان المصري القديم” عام 1869 لتعليم علم المصريات. ثم أنشأت مدرسة المصريات عام 1881. وقد تخرج أحمد كمال في مدرسة اللسان لكنه لم يشغل منصبا داخل مصلحة الآثار لموقف من الإدارة ضد تعيين المصريين. فعمل مترجما في البداية وشغل عدة وظائف حتى 1891 عندما عمل في مصلحة الآثار في منصب أمين مساعد، حتى خروجه على المعاش في 1916.
وشهدت علاقته بالأجانب في المصلحة تنوعا بين التوتر والمودة. توتر علاقته مع جوزيبي بوتي أول مدير للمتحف اليوناني الروماني الذي تم افتتاحه 1892. وعلاقة مودة مع جاستون ماسبيرو رئيسه المباشر. كان مبعوث الدولة المصرية في فرنسا عام 1922 للاحتفال بمرور 100 سنة على فك رموز اللغة المصرية القديمة كما أصدر معجما مكون من 22 جزء.
المتحف اليوناني الروماني
يقول منصور: “كان أحمد كمال هو عالم المصريات الأول في تلك الفترة، والوحيد المنوط به ترجمة كل الكتب والإصدارات إلى العربية. أنجز بوتي كتالوج المتحف باعتباره المؤسس والمدير وتم دفع الكتالوج إلى أحمد باشا كمال للترجمة”. ومنها بدأت الصراعات بين أحمد كمال باشا وجوزيبي بوتي عندما أصدر الأول كتاب “الخلاصة الدرية في آثار متحف الإسكندرية” موضحا في صفحته الداخلية:
(تأليف الدكتور بوتي
أمين متحف الإسكندرية
مطبعة عين شمس 1901
لمترجمه ومنقحه أحمد باشا كمال).
اشتكى بوتي لماسبيرو رئيس مصلحة الآثار من حذف اسمه من كتالوج المتحف اليوناني. مدعيا جهل أحمد باشا كمال باليونانية واللاتينية ويفتخر بوضع اسمه على العمل وتصحيحه. مع ذلك، تكشف المطالعة لقاموس أحمد كمال باشا عن إيراده لأسماء أبراج فلكية بمقابلاتها اليونانية. كما وردت أيضا كلمات عدة بالهيروغليفية بالقبطي والعبري وأيضا باليوناني.
أهمية الأرشيف
“هكذا يمدنا الأرشيف بمعلومات قيمة عن السياق الاجتماعي بين علماء الآثار في تلك الفترة” يؤكد أحمد منصور. أما بالنسبة لماسبيرو الذي كان المدير المباشر لأحمد باشا كمال، فقد شهدت علاقتهم شكلا من المودة والتعاون. احتاج ماسبيرو إلى أحمد باشا ليعينه في التعامل مع المصريين في الواقع خاصة في الصعيد. وصرف له مكافأة لأنه درس الخط الهيروغليفي لمدة خمس سنوات. كما أرسل ماسبيرو خطاب توصية للخديو عباس حلمي الثاني، طالبا منه ترقية أحمد بك كمال للدرجة الرابعة. تشهد هذه الوقائع على حالة المودة بين الرجلين وإلى أي مدى كان أحمد باشا محل ثقة عند ماسبيرو. ويضيف، نشأ الاهتمام بأحمد كمال من كونه أحد العلماء المصريين الوطنيين الذين اعتنوا حقا بتمصير علم المصريات. أخذ على عاتقه تعريب هذا العلم، مستندا إلى أن ضعف إلمام العلماء الفرنسيين باللغة العربية.
وتحدث منصور عن جاك دي مورجان، المدير العام لمصلحة الأنتيكخانة “مصلحة الآثار” الذي تولى منصبه من 1892 حتى 1896. ووضع مشروع للائحة المتحف من أهم بنودها أن إدارة المتحف كانت تتم بشراكة من الحكومة المصرية والمجتمع المدني. تمثلت الحكومة في البلدية التي شكلت لجنة دائمة مكونة من 5 أشخاص منتخبين بواسطة البلدية وتحت إشرافها. وتمثل المجتمع المدني في اللجنة العامة المتكونة من أعضاء استشاريين وهم مجموعة من الشخصيات ذوي المكانة والنفوذ في المجتمع ليساعدوا في إدارة المتحف وإقامة مجموعة من الأنشطة التي تدر دخل على المتحف.
متحف الإسكندرية
كما نصت اللائحة على نقل جميع القطع الخاصة بالتاريخ الروماني اليوناني المحفوظة والمخزنة في متحف الجيزة إلى متحف الإسكندرية. وكل القطع التي يتفق كل من مدير عام عموم مصلحة الآثار ولجنة متحف الإسكندرية بعدم جدوى نفعها للمتحف يتم إيداعها في مخازن الجيزة. وفي حالة تقرر بيع هذه القطع الأثرية فإن حصيلة البيع سيتم إيداعها في حساب المتحف.
هنا تململ بعض الحضور وأشاروا إلى مطاطية البند، واتساعه ليشمل احتمال تجارة الآثار وتهريبها للخارج. فيما عكست أسئلة الحضور كلهم قلقا عميقا بشأن تقنيات حفظ الوثائق التي تعتبر تاريخ الوطن، ومصير القطع الأثرية سواء الذي تم نقله منها أو بيعه أو تهريبه للخارج، وما لا يزال مستقرا فعلا في أقبية أو منصات عرض المتاحف الوطنية.
اقرأ أيضا:
«الإسكندرية التي كانت والتي ستكون».. جدول فعاليات «أيام التراث السكندري»