التاريخ والأثر: أضرحة منسية في الإسكندرية

تضم مدينة الإسكندرية أكثر من 400 ضريح لأولياء الله الصالحين، لكن القليل منها يعد الأبرز ويقصده الزوار من مختلف أنحاء الجمهورية. من أبرز هذه الأضرحة ضريح «النبي دانيال»، وهو الوحيد المسجل في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بالقرارين رقم 231 لعام 2005 ورقم 168 لعام 2018، ويقع في أحد أقدم شوارع المدينة.

ضريح «أبو الدرداء»

من الأضرحة الشهيرة بالإسكندرية ضريح «أبو الدرداء» بمنطقة اللبان غرب المدينة. وبحسب المصادر التاريخية، فإنه لم يثبت دفن الصحابي الجليل بالإسكندرية، ولكن بنى أهل الإسكندرية الضريح اعتزازًا منهم بذكرى هذا الصحابي الجليل الذي شارك في فتح المدينة وأقام بها فترة الفتح، ثم غادر إلى الفسطاط للمشاركة في الإشراف على بناء جامع عمرو بن العاص وتحديد موضع قبلته.

ومن الروايات المتداولة عن ضريح أبو الدرداء الشهير بالإسكندرية هي عندما حاولت البلدية توسيع شارع أبو الدرداء ونقل ميدان الضريح الذي يتوسط الشارع، تعرض فجأة أحد العمال إلى شلل في يديه، وأبى بقية العمال أن يستكملوا العمل بالموقع. واضطرت البلدية إلى ترك الموقع كما هو، وتحايلت لتوسيع الشارع من جانبي الضريح. ويمر خطا الترام متوازيين حتى يصلا قرب الضريح فينفصلان ويدور كل منهما حول الضريح حتى يتخطياه ثم يعودان متوازيين مرة أخرى.

وبحسب روايات الأهالي، هناك كرامة أخرى شهيرة له يعتقدها أهل الإسكندرية بأنه قام بحماية المدينة من الدمار. ففي ليلة من ليالي عام 1941 عندما اشتدت غارات الطائرات الألمانية. وتوالت القذائف على المدينة مستهدفة مبنى المحافظة الذي كان بمحيط الضريح آنذاك. فقد رأى أحد السكان ضريح أبو الدرداء وهو يلتقط “طوربيدا” ضخما ويسقطه في أرض فضاء مجاورة، ولم ينفجر.

 

«بن هرمز» و«المغاوري»

ضريح سيدي «عبدالرحمن بن هرمز بن الأعرج» الكائن بمسجد سيدي عبدالرحمن بن هرمز في منطقة رأس التين بحي الجمرك، الذي تبلغ مساحته 400 متر. ويعد هذا المسجد حديث البناء، فقد بني في منتصف القرن الماضي، ومكتوب عليه «بنى هذا صاحب الخيرات الحاج درويش أبو سن 1265». وفيما شك الباحثون في صحة نسب هذا الضريح، أكده الشيخ بشير السندي، مدير مكتبة بلدية الإسكندرية آنذاك، بأنه روى له الشيخ محمد البنا -أحد علماء الإسكندرية في القرن الماضي- أنه كان يجتاز شارع رأس التين لزيارة الخديوي إسماعيل. ورأى في ليلته أن صاحب الضريح يعاتبه لعدم زيارته. فسأله الشيخ: من أنت؟ قال له: “أنا عبدالرحمن بن هرمز”. وفور سماع الشيخ درويش أبو سن ـ أحد أثرياء المدينة- هذه الرؤية، تطوع لبناء هذا المسجد ليضم الضريح. وأوصى أن يدفن إلى جواره، ولم يكن صاحب هذا الضريح معروفا قبل هذه الواقعة.

وأيضاً ضريح سيدي “يعقوب بن عبدالرحمن” الذي دُفن بشارع طريق الحرية بالقرب من مبنى محافظة الإسكندرية السابق. وهو من مشاهير أتباع التابعين بمصر، أصله من الإسكندرية سكن ومات بها عام 181 هجريا.

كما يقع ضريح سيدي “عبدالله المغاوري” داخل مسجده بحي الجمرك أمام باب (1). أصله من إشبيلية بغرب الأندلس، وأقام بالإسكندرية حتى مات. وذكر عنه أبو الحسن الإشبيلي بأن الشيخ المغاوري أمره بخمس ونهاه عن خمس. أمره باحتمال أذى الخلق، وإدخال الراحة على الإخوان، وأن يكون أذنًا لا لسانًا، وأن يكون مع الناس على نفسه. ونهاه عن معاشرة النساء، وحب الدنيا، وحب الرياسة، وعن الوقوع في رجال الله تعالى. ونسى الخامسة ولم يذكرها. ولقد عاش الشيخ المغاوري في القرن السادس الهجري.

مسجد وضريح النبي دانيال
مسجد وضريح النبي دانيال
«سيدي عماد» و«الصوري»

أما قبر العلامة ابن العماد وجيه الدين أبي المظفر المترجم فهو كائن داخل مسجده بشارع سيدي العماد بمنطقة اللبان بالإسكندرية. وله زائرون يأتون له خصيصا من كل مكان، فهو كان معنيا بالحديث وفنونه ورجاله وبالفقه، وله مؤلفات في الحديث وأنواعه. كما ألف عن تاريخ الإسكندرية. وتوفي في شوال عام 673ه‍ ولم يخلف بعده في الثغر.

فيما تضم منطقة العطارين المسجد الذي يحمل اسمها، وكان قد اتخذه سيدي “الشيخ زين الدين محمد بن سليمان بن أحمد بن يوسف” سكنًا له ومكانًا يلقي فيه دروسه. فلقد برع في العلوم الشرعية وخاصة علم الحديث. وهو أصله من المغرب الأقصى، قدم مع والده وهو صغير إلى الإسكندرية واستوطنها. إلى أن توفي عام 717ه‍ ودفن سيدي “محمد العطار” في مسجد العطارين.

كما تضم منطقة العطارين أيضاً في شارع سيدي الصوري المتفرع من شارع الخديوي، ضريح العارف بالله سيدي “محمد السعيد بن محمد السعيد الهاشمي الصوري” داخل مسجده. نسبة إلى صور بلده بالشام. ولد عام 951ه‍، وحفظ القرآن في صغره، وتلقى العلوم الشرعية والعقلية والنحوية بالمسجد الأموي بدمشق. وتصدر للإفتاء وعمره لا يتجاوز الـ21 عاما. ثم انتقل إلى مصر ثم الإسكندرية حتى توفي عام 1003ه‍.

وخلف مسجد أبي العباس المرسي الشهير بالإسكندرية، يقع مسجد “سيدي الموازيني” وداخله ضريح الشيخ علي الموازيني. ولقد جدده بعد هجره وتهدمه أحد مشاهير المدينة، مصطفى هنيدي، عام 1855م، الذي أحيا شعائره ودفن داخله هو وولده. كما دفن بجوار سيدي “علي الموازيني” بعض أصحاب القطب الشهير سيدي أحمد عرب الشرنوبي.

اقرأ أيضا:

«عندليب عدوان»: رغم القيود السياسية نواصل توثيق معاناة الصحفيين الفلسطينيين

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر