أحمد جمال عيد يكتب : قراءة في رواية " هوامش الحب و الحرب" لـ عبد السلام الشبلي
الرواية نوع من أنواع السرد القصصي الطويل الذي يصور شخصيات فردية من خلال سلسلة من الأحداث و الأفعال و المشاهد المتشابكة ، و لكل رواية غلاف يكون بمثابة العنوان الرئيسي لمحتواها و مضمونها الداخلي ، حيث يعتبر الغلاف أولى عتبات النص، و ذلك لأن عليه مسؤلية كبيرة جداً في جذب القاريء و التسويق للكتاب فهو – أي الغلاف – يعد المرآة الحقيقية لمتن الكتاب .
بحكم تخصصي الدقيق ” تصميم و فنون الكتاب ” أقوم بـ تصميم و إخراج أغلفة الكتب و الروايات، ما جعلني من المحظوظين في قراءة العديد من الكتب قبل صدورها .. وذلك لإيماني بأن المهمة الأساسية لمصمم أغلفة الكتب كانت و ما زالت تعتمد على قراءة متأنية واعية للكتاب ثم البدء في تحليله إلى مشاهد و ترجمته ترجمة بصرية تعكس روح النص و تكشف ما قد يكون غير مرئي بالنسبة للقاريء من خلال توظيف العناصر التشكيلية والبصرية في بناء تصميم جرافيكي متزن لغلاف يعبر عن مئات الصفحات بالداخل، وهو ما تعلمناه من الأساتذة الكِبار في مجال تصميم الأغلفة أمثال العبقري جمال قطب و فيلسوف المطابع و صانع الكتب محي الدين اللباد .
” عبد السلام الشبلي ” الشاعر والكاتب السوري الذي إلتقيته لأول مرة في حفل توقيع مشترك يضم ديوانه الأول ” لا نص يجب أن يكتمل ” و كتابي ” القطب الأعظم – رحلة صوفية تشكيلية ” في جناح دار بردية للنشر و التوزيع لصاحبها الروائي أدهم العبودي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير 2017 ، وكان ثالثنا في هذه الاحتفالية الروائي الرائع عماد الدين عدوي، ومنذ ذلك الوقت أرى عبد السلام، ذلك المبدع الذي يحمل هموم وطنه داخل قلبه و روحه برغم ابتسامته الذي تنعكس دوماً على وجهه .
بعد شهور من صدور ديوانه قرر أن يصدر روايته الجديدة ” هوامش الحب و الحرب ” و كان لي الحظ الوفير في أن أقوم بتصميم الغلاف الخاص بها، وبطبيعة الحال أرسلت لي دار النشر نص الرواية كاملاً، وبمجرد أن بدأت في القراءة أعجبني النص وأبهرني الأسلوب ، بل لا أبالغ عندما أقول أنني قرأت أغلب الرواية في جلسة واحدة .
سورية ” سِت سنوات ” من الصراع ، حرب طاحنة جعلت شعبها يشعر بالغربة و الفقد و الوجع و لكن السؤال هنا ، برغم كل الحروب هل تموت المشاعر !؟ هل يموت الحب !؟ و إن مات إكلينيكياً على أرض الواقع .. فهل يموت في الواقع الإفتراضي !!
“هوامش الحب و الحرب” رواية بها العديد من النوافذ التي نطل منها على حياة الشعب السوري بعد حرب أنهكت العديد من مقومات سورية الحبيبة . سورية الدولة العربية الوحيدة التي كانت تسمح لأي مواطن عربي بزيارتها دون أي تأشيرات مرور أو أي تعقيدات ، كانت تأشيرة المرور الوحيدة هي ” القومية العربية ” .
تناول الكاتب في روايته قضية ” الحب الإفتراضي ” عوضاً عن واقع أوشك على الإنتهاء و مشاعر كادت أن تفقد بريقها وسط الدمار و الدماء التي تسيل كل ساعة دون توقف .
بعد أن انتهيت من قراءتها شعرت أنني أمام توثيق لحياة شعب يعاني و يتألم و لكن توثيق مُغلف بروح السرد الأدبي الذكي و المشوّق .. فنجده يبدأ الرواية بإهداء يقول فيه : ” لقلوبنا الهامش الأكبر في هذه الحروب ” … كما استوقفتني عناوين الفصول التي عكست روح الواقع ” تعطيل حساب .. تعطيل حياة ” – ” ضوء أخضر تائه ” … و بعض الفقرات التي تركت أثر كبير في نفسي و وقفت عندها متأملاً .. لعلني أقتبس لكم هنا هذه الفقرة :
” لا تسألوا عن أماكن السجون، الحياة سجن كبير و معتم ، يكفي أن تنظر بوجه طفل بائس أو عجوز جائع أو فتاة مستضعفة أو رجل يبكي حتى تمتليء عيناك بعتمتها “.
كان لغلاف هذه الرواية خصوصية شديدة في التعامل معه ، فقد شعرت بالتوحد مع أبطالها و لعل من الأسباب المساعدة في ذلك هي الصداقة التي تربطني بالكثير من شعب سورية الحبيبة و قد أكون شاركت بعضهم تجارب حياتية و إنسانية و حاولت أن أتقاسم معهم وجعهم و آلامهم في بعض الأوقات …
” الكتاب يُعرف من عنوانه ” مثل قديم و لكن له دلالة كبيرة وعميقة، هو الصورة الأولى التي تُصدر للمتلقي و تترك الإنطباع الأول …
هذا ما دفعني أن أصمم الغلاف من الألف إلى الياء من وحي الواقع ، حيث تواصلت مع صديقة لي من سورية تعمل في مجال الإعلام و الميديا و تحدثنا كثيراً بخصوص استخدام صور حقيقية و واقعية لها مدلول درامي معين ، و لأنني أثق في آرائها و دائماً أرى في ملامحها الكثير من التفاصيل الدرامية المُعبرة وقع عليها الإختيار لتكون بطلة الغلاف بوضع درامي يعكس أهم مشاهد الرواية ، وشاركنا في ذلك المصوّر الفوتوغرافي ميشيل سمير قدح بعد أن عرضنا عليه الرسوم المبدأية للغلاف …
“هوامش الحب و الحرب” رواية لـ عبد السلام الشبلي، مليئة بالمشاعر الإنسانية إنتاج دار بردية للنشر و التوزيع ، فوتوغرافيا ميشيل سمير ، صاحبة وجه الغلاف ملك بيطار – تصميم و اخراج الغلاف أحمد جمال عيد .
تعليق واحد