أحد أبطال النصر: كنت من أوائل من وصلوا إلى سيناء
في السادس من أكتوبر عام 1973، كانت قرية القارة بمحافظة قنا، على موعد مع النصر كبقية أرجاء الجمهورية، حيث عددا كبيرا من أبنائها كانوا أبطال الحرب، منهم من استشهد، ومنهم مازال على قيد الحياة، إلا أن المقدس دميان عزمي دميان، أحد الأبطال، لازال يفخر ويتذكر تفاصيل كل شيئ من الحرب.
سلاح المشاة
يقول دميان عزمي دميان، 77 عاما، أحد أبطال حرب أكتوبر: كنت من أوائل من وصلوا إلى أرض سيناء وعبر من خلال القوارب في سلاح المشاة، “كنا حالفين لنرجع الأرض”، هكذا يحكي مستعيدا ذكريات الحرب.
وتابع: كان عمري حينها عشرين عاما، عاصرت النكسة والنصر، بداية دخولي مركز التدريب كانت في المعادي، كنت فرقة مدفعية وانتقلت بعدها للمشاة على الجبهة منطقة الشلوفة كان يفصلنا عن الجبهة الأخرى المياه، السلك الشائك، والألغام فقط. استلمت موقعي قبل الحرب على الجبهة، وكنت أرى سيارات النقل الثقيلة واللوادر على القناة تقيم في الساتر الترابي لخط بارليف الذي قالوا إنه يستحيل اختراقه أو عبوره.
ويحكي دميان عن أصعب لحظات عاشها أثناء قيامه بعملية خلال حرب الاستنزاف، يقول: بعد اختياري وإخباري بعد منتصف ليل أحد الليالي، فصيلة كانت مشكلة من 30 فردا من بينهم ضابط وضابط صف ورئيس العملية برتبة رائد، في البداية حزنت لأني كنت أتمنى لو أخبرونا أننا سنحارب فورا حينها، كان الهدف يُحدد بالبوصلة، في الساعة الـ3 فجرا خرجنا وسيرنا مسافة طويلة في الجبل، حتى نقطة معينة تمركزنا بها. حتى وقت محدد أتت الأوامر بالسير متسللين والتوجه للهدف حتى وصلنا لمكان مسطح وأمامنا وادي به 12 دبابة قناصة أي لا تحوي على مدفعية نصف بوصة، جميعهم على خط واحد.
ويقول: كان لدينا سلاح المالوتكا أو الحيز هو عبارة عن صاروخ يصيب الدبابات، وأمرنا بالضرب في المرة الأولى لم نصب الهدف، ولكن في الثانية والثالثة أوقعنا دبابتين، ثم التفتت أخرى لتهاجمنا حتى وصلت على بعد من 50 إلى 100 متر، تصدينا لها بالأر بي جي، وكونها كانت قناصة أي مغلقة ولا تحوى مدفعية، أمرنا بالانسحاب وانسحبنا بعد الانتهاء من العملية وسط طلقات عشوائية من العدو في كل الاتجاهات.
واستطرد: مكثنا تحت النول والتبات حتى وصلنا أول الكتيبة سلاح المدفعية، استقبلنا ضابط وقائد الفصيلة ورئيس العمليات الذي أثنى على نجاح العملية وعودتنا كاملين العدد دون إصابة، وأثناء العودة لموقعي كان ضرب النار مستمرا، زادت شدة الضرب، حتى “رقدت” على بطني أصبت بشظية في وجهي وأخرى في ذراعي، ولكني أكملت حتى وصلت إلى الكمين، وفي اليوم الآخر علمت أن الموقع الذي رقدت به تم تفجيره، وحزنا لذلك وكان أصعب يوم حزن مر علينا جميعا.
أيضا من الصعوبات، الطيران الذي يهبط ليلا بفوانيس تكشف الموقع وتضربه، وفي صباح ذات يوم، سقطت دفعة خط وإحنا مواقعنا على خط ولكن كانت بعيدا عنا، أما يوم الحسم فيحكي دميان عنه: في الساعة الـ1 ظهرا قمنا بالاستعدادات التي اعتدنا عليها، وحين أتت ساعة الصفر أتت الأوامر “ارفع القوارب وانطلق للعبور” ، كنا 10 في القارب الواحد، على خط واحد، خط بارليف كان فعلا صعب والساتر ترابي، لكن استطعنا اجتيازه. وكنا أول خط عبر من الجنود، تقدمنا بعد عبور الساتر، ورأيت زملائي يرفعون العلم أمامي، الطيران كان يحمينا والكباري والمدفعية.
استقباله بالقرية
يقول دميان في أول إجازة له بعد تهدئه الحرب: كنت ضمن أول دفعة حيث كانت الأولوية للمتزوجين، استقبال آخر خاصة وأن أهلي وأهالي قريتي ظنوا أني استشهدت حتى أن أحد مالكي السيارات الأجرة الذي استقبلني قال لي نصًا: “والدك وهبلي 5جنيه لو جبتك في يوم” واليوم كان عاشوراء، وكل بلدنا في السوق الذي يقام حتى رأوني فالتفوا حولي بالزغاريد والتهاني والحمل على الأعناق، لم يختلف الأمر عن الاحتفالات التي استقبلونا بها كل أنحاء مصر حين كنا في القطار العسكري من بداية عين شمس حتى كوبري الليمون والأغاني والهتافات والزغاريد لم تنقطع عن مسامعنا، فرح وفخر لم أنساه في عمري.
واختتم حديثه: عينت بعد خروجي من الجيش في هيئة الطرق والكباري، أما ما أسعدني أكثر هو شهادة التقدير والتكريم التي أرسلت لي تحمل هذه الكلمات التي ظلت محفورة في ذهني: “في يوم سجل التاريخ فيه نصرنا ورفعنا فيه علمنا وأكدنا للدنيا شرفنا وحقنا وسطرنا فيه أروع صفحات تاريخنا. كنت أنت أحد أبطالنا. فلك منا شكرنا وتقديرنا”.
اقرأ أيضا
أقدم لوحات نصر أكتوبر في مصنع سكر دشنا
الجنود الصغار.. هكذا كانت الدراسة وقت الحرب
ملف| معاش الإمبراطورة وأبناء الصعيدية.. هكذا شاركت المرأة في الحرب
خاص| قصة الشاعر الذي تبرع بعينه من أجل مقاتلي سيناء
19 تعليقات