صور| بدء احتفالات مولد العذراء بدير درنكة.. هنا احتمت العائلة المقدسة

تصوير: أحمد دريم

يتوافد الآلاف من الأقباط بمختلف محافظات مصر على دير السيدة العذراء الواقع بجبل قرية دير درنكة بمحافظة أسيوط، للمشاركة في احتفالات الدير السنوية التي تبدء يوم 7 حتي 22 أغسطس والتي توافق زيارة العائلة المقدسة لهذا المكان هربا من بطش ملك الرومان وذلك يسمى بـ”صوم العدراء”.

توافد الآلاف من الأقباط بمختلف محافظات مصر على دير السيدة العذراء

مغارة الدير

يقع دير السيدة العذراء مريم بجبل أسيوط الغربي على ارتفاع 100 متر من سطح الأرض الزراعية، ويبعد عن مدينة أسيوط بحوالي 10 كيلو مترات، حيث انتهت إليه رحلة العائلة المقدسة وحلت في هذا الجيل بمغارة يرجع تاريخها إلي 2500 سنة قبل الميلاد، وتعود هذه المغارة إلى أيام الفراعنة وقد استخدمها يوسف الصديق وخزن بها القمح، ويبلغ طول هذه المغارة 160 مترا، وعمقها 60 مترا، وزارتها العائلة المقدسة أثناء عودتها ومكثت بها عدة أيام.

وبعد انتشار المسيحية في مصر، شيد بجانبها هذا الدير الذي يضم مجموعة من الكنائس، أقدمها كنيسة المغارة وهي منذ نهاية القرن الأول الميلادي، وبدأت منه في رحلة العودة إلي فلسطين وعن طريق النيل حيث كان يوجد مرسي السفن قريبا من هذا المكان.

من داخل المغارة التى تواجدت بها العائلة المقدسة

زيارة العائلة المقدسة للدير

ذكر كتاب “مدينة من السماء” الصادر عن الدير، أنه عندما أراد هيروس الملك أن يقتل أطفال بيت لحم من سنتين فما دون، لكي يهلك الطفل يسوع “المسيح الذي كان ينتظره اليهود ليكون ملكا عليهم” خوفا علي مملكته، ومع عدم ذكر الإنجيل للأماكن التي هربت إليها العائلة المقدسة من وجه هيرودس وجنوده في مصر، إلا أن المخطوطات القديمة القبطية والعربية وخصوصا الميمر الذي كتبه البابا ثاؤفليس الـ23 والموجود منه نسختان في الدير المحرق وغيره من الميامر التي كتبها بعض آباء العصور المسيحية الأولى تؤكد زيارة العائلة المقدسة لمنطقة أسيوط وخصوصا جبل قسقام الذي يمتد من القوصية شمالا حتي دير الجنادلة جنوبا، وظلت العائلة المقدسة في جبل قسقام حوالي ستة شهور وعشرة أيام.

ومن المحقق زيارة العائلة المقدسة لإقليم أسيوط والدير المحرق العامر بالقوصية، كما زارت العائلة المقدسة المغارة الكبري المعروفة بدير السيدة العذراء بجبل أسيوط الغربي والتي تعتبر أخر محطات رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر جنوبا.

إحدى السيدات تمسح أيقونة السيدة العذراء

احتفالات العذراء

استقلت العائلة المقدسة سفينة إلي الشمال في رحلة العودة، فكان لابد من مجيئها إلي مدينة أسيوط أولا، لأنه لم يكن في ذلك العصر مواني للسفن غير في المدن الرئيسية الطبري ولم تكن السفن ترسو في غير تلك المواني خوفا من السلطات الرومانية، فكان لابد أن تأتي العائلة المقدسة من جبل قسقام بالقوصية حتي أسيوط سيرا على الأقدام أو بالدواب، ثم تستقل السفينة لترحل بها شمالا.

وفي أسيوط استضافهم أحد أغنياء المدينة وكان يمتلك كثيرًا من الأراضي الزراعية بناحية حاجر أسيوط “دير درنكة” الآن وكانت له مخازن للحبوب في مغارات الجبل، فشعر هذا الرجل بمدي البركة التي تصاحب هذه العائلة، فأراد أن يبارك مخازنه في موسم الحصاد، فاستضافهم في هذا الجبل حيث المغاري الكبري، التي صارت كنيسة عظيمة وديرًا عارما فيما بعد، وكان موسم الحصاد يتفق مع شهر أغسطس وذلك يحتفل الأقباط في أسيوط بذكري مجيء العائلة المقدسة لهذه الدير في شهر أغسطس من كل عام والذي يوافق صوم السيدة العذراء التي تبدء من يوم 7 حتي 21 أغسطس.

الاحتفالات داخل الدير مستمرة لمدة أسبوعين

 عصور المسيحية الأولي

بمجيء الكاروز القديس مار مرقس الرسول إلي صعيد مصر والبشارة بالسيد المسيح له كل المجد، وتأسيس الكرسي المرقسي بالإسكندرية وانتشار المسيحية في ربوع أرض مصر، قام المسيحيون الأوائل بتحويل الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة إلي كنائس ومن ضمن هذه الأماكن مغارة جبل درنكة التي تحولت إلي كنيسة علي اسم االسيدة العذراء، ولقد احتفظ الآباء الأولون في القرون الميلادية الأولي بمعظم مغائر الجبال التي حلت بها العائلة المقدسة فأصبحت مذابح للصلاة ومواضع للعبادة والنسك ثم تقدست هذه المناطق بالحياة الرهبانية.

العصور الوسطي

في القرن الخامس عشر الميلادي قام المماليك بتخريب أديرة مصر ومنها أديرة أسيوط، إذ اندثرت الرهبنة في تلك المنطقة وصارت مغارة دير السيدة العذراء بجبل أسيوط سكنًا لأقباط تلك المنطقة فقد تم تقسيمها إلي أجزاء لإقامة عائلات تلك المنطقة، وذلك لأن مياه الفيضان كانت تصل لأسفل الجبل لهذا كان أهالي المنطقة يحتمون بهذه المغارة، وبنيت أمام المغارة كنيسة بالطوب اللبن علي اسم السيدة العذراء كان بها 12 قبطة تغطي صحن الكنيسة وثلاث قبب تغطي الهيكل مكانها الآن كنيسة المنارة وبني بجانب تلك الكنيسة مبني لإقامة أسقف أسيوط.

وكان الصعود لتلك المغارة والكنيسة يتم بتسلق الجبل وصار دير السيدة العذراء بجبل أسيوط مقرا لبعض أساقفة أسيوط علي مدي التاريخ، ومن أشهرهم وأخرهم هو نيافة الأنبا ميخائيل الرابع الذي سيم سنة 1877م بيد البابا كيرلس الخامس، وتنيح في 1897 والمدفون بكنيسة الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة.

كنائس الدير

يضم الدير 11 كنيسة أغلبها باسم السيدة العذراء، ولكن ما يميز كل كنيسة عن الأخرى موضع تلك الكنيسة بالنسية لمكانها بالدير وتتضمن الكنائس كنيسة السيدة العذراء بالمغارة والتي تعد أقدمهم وكنيسة السيدة العذراء بمبني القربان، وبنيت هذه الكنيسة بجوار مبني بيت لحم “مبني القربان” المكان الذي يتم فيه عمل القربان بالدير لخدمة قاطني الاستراحات المحيطة بمبني القربان وكنيسة السيدة العذراء بالمنارة والتي يرجع تاريخ بنائها إلي القرون الأولي الميلادية وكان بناؤها بالطوب اللبن وكان صحنها مغطي بـ12 قبة، وهيكلها مغطي بثلاث قباب علي مساحة 400 متر علي صخرة بارزة بالجبل.

وكنيسة السيدة العذراء بالمعمودية والتي قام نيافة الأنبا ميخائيل بوضع المعمودية الخاصة بالدير في الركن الشرقي الجنوبي لكنيسة المغارة ولازالت باقية حتي الآن، وكنيسة السيدة العذراء بالميدان وبنيت هذه الكنيسة فوق مبني الخدمات الذي يطل علي الطريق الصاعد إلي الدير ونظرا لوجود هذا المبني أمام الميدان الذي يتوسط الطريق الصاعد للدير، وسميت هذه الكنيسة بكنيسة السيدة العذراء بالميدان.

وكنيسة الميلاد بالمغارة وكنيسة الصليب بالمغارة وأمامهما مزار مثلث الرحمات نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط السابق، وكنيسة القيامة بالمغارة التي قام نيافة الأنبا ميخائيل بتقسيم المغارة إلي ثلاثة أقسام، وكنيسة السيدة العذراء بالقلالي التي أقيمت في منطقة القلالي التي كان يسكنها بعض الآباء الرهبان، وكنيسة الصليب التي أقامها الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وتوابعها، فقد كانت في السابق قاعة باسم الصليب.

يضم الدير 11 كنيسة أغلبها باسم السيدة العذراء

حياة التكريس بالدير

يسكن بالدير حاليًا أكثر من 100 مكرسة وطالبة تكريس بينهن من لها بالدير أكثر من 60 عامًا، وبينهن من له بالدير شهورًا، وينتظم الكرسات علي تسبيحة نصف الليل في الرابعة والنصف من فجر كل يوم ثم القداس الإلهي ويحضر معهن نيافة الأنبا يؤانس أياما كثيرة كل أسبوع، وتسلم نيافة الأنبا يؤانس الإيبارشية بأسيوط والدير به 115 مكرسة، وقام المتنيح نيافة الأنبا ميخائيل بسيامة 46 منهن ولم تمكنه ظروفه الصحية من سيامة الباقي، واستكمل نيافة الأنبا يؤانس بسيامة باقي الـ69 مكرسة، بالإضافة إلي ثلاث جدد.

يسكن بالدير حاليًا أكثر من 100 مكرسة وطالبة

الهوامش

كتاب “مدينة من السماء” الذي راجعه وقدمه الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وتوابعها، للمؤلف الشماس صفوت فكري سيف، ماجستير تاريخ كنيسة والصادر في عام 2017.

اقرأ أيضا

معلومات لا تعرفها عن صوم العذراء

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر